
برزخ بين حياتين
يرى المرء اختلاف الأنماط الثقافية في مساحات تكسر النمطية، وتتحول إلى أمكنة كاشفة للبشر وأساليب الحياة، مثل البيت والسوبر ماركت، حيث تتحوّل إلى ما يشبه حدودًا لا مرئيةً بين عالمين، تبدأ المقارنات فيها كلعبة، لكنها سرعان ما تصبح برزخًا بين عالمين

يجدرُ بكَ أن تتبخر!
لقد كنت وحيدًا/ وكنتم تعلمون ذلك جيدًا/ ويومًا لم تكونوا قريبين./ لقد صرختُ طويلًا/ وكنتم تسمعونَ بوضوح/ ويومًا لم تدركوا أبدًا/ أنني أرسل لكم رسائلي/ وصوري في مراتٍ عديدة/ وأغاني اليوتيوب/ وقصائد من تراث قريتي/ ونكاتًا تجعلكم تضحكون بصوتٍ عالٍ

رامي العاشق.. سُوق لأنصافِ الموتى
يقدم الشاعر رامي العاشق في كتابه "مُذ لم أمتْ" سبعة عشر نصًا، تراوحت موضوعاتها بين القضية السورية، واللجوء، والحرب، ومخيم اليرموك، والزنزانة، والمنفى. النصوص التي كتبت في السنتين الأخيرتين، نشرت في مواقع سورية وعربية

مونيكا بيلوتشي.. أحبّيني
أحبُّكِ لأنَّ عشّاقكِ لا يزالون يكتبون فيكِ شعرًا رديئًا/ ويتلصّصون على صوركِ بالحرارة التي كانت تشدّ آباءهم إلى "Playboy"/ يتناقلون أخباركِ كإشاعة زيادة الرّواتب/ ويتعاملون مع مواعيدكِ كما يتعامل اللاجئ مع انتظار قرار الإقامة

ماذا حلّ بالطيور اللاجئة؟
أحسدُ الطيور لأنها ترفرف ببساطة من مكان إلى آخر، وأحسدها لأنها لا تتعلم لغة كل بلد تذهب إليه، وبالتأكيد أحسد طائر اللقلّق الكبير الذي يعيش فوق مبنى البلدية في "أوبرشوتسن"، ويغيب لأيام دون أن يُبلّغ السلطات عن وجهة سفره

أفضّل الموت في زاوية عمياء
في صغري سمعتها كثيرًا/ راح ورا الشمس.. أي اختفى للأبد/ لم أجده هناك لعله مازال حيًا/ هو الوطن/ حيث ولدت وحيث أموت وحيث أبعث من جديد/ لأروي جبيني المتجعد من شمسه اللاذعة/ وأسقي الصفصافة الشهيدة من ذكرياتنا/ لعلها تبعث للحياة لتبقى ناطورًا على الذكريات

لا شيء يهتز.. حتى الهواء!
مهما حاولتَ وقلت، وضج الزبد فيك واحتقن قلبك/ لن يتغيّر شيءٌ/ فلا عبرة تُرجى من الحرب/ الناجون منها يتمنون اليوم لو قضوا فيها/ لطول الموت الباقي أمامهم../ فماذا تفعل؟/ تعدُّ البحر معهم موجةً موجة؟/ -لا تكفي واحدةٌ لوصفه كله-/ كل موجةٍ كأنها الأولى

دائمًا هنالك وقت
هناك وقت/ لأن يكبر الأطفال في أكفانهم/ لأن تنجب الأمهات الميتات أطفالًا جددًا/ ولأن ينبت الورد في عيون الصبايا المنفيات/ دائمًا هنالك وقت/ لأن ينسج الميتون من موتهم../ حياة أخرى/ حياة جديدة../ تكون تقريبًا، على مقاسك

وحده الموت يحفظ خريطته الجديدة
كفاي يحملان نهديك/ يموجان شهوةً/ بينما بلادٌ بكاملها تغيّر عناوين سكانها./ أرى الشهوة لحظة بزوغها/ - من أول ترددٍ في تنفسك حتى امتداد الآه -/ وحيًا قادمًا من بعيدكِ/ بينما يرثي شعبٌ زمانه تحت قوس التاريخ./ الموج يعلو ويصطخب بروائحنا

قاموس لنساء المنفى
أكملت سيري نحو لمياء المتشحة بالسواد، الأمر الذي يجعل من الصعب تحديد عمرها. هي صبية بوجه تعتريه سمرة طارئة وعيون غائرة وحيدة أبدًا، وصامتة دومًا، وحين تكلمت قالت: رفقاته جابو صورة حدا بيشبهه، قالو إنه مات تحت التعذيب

يُعانقونك طويلًا مثل قبر
أنا وحيدٌ/ وفي جسدي غابة/ يلجأ إليها الصيّادونَ والذئاب/ والغُزلانُ التي تلهثُ تَعَبها في دَمي/ يقصدها الوحيدون أيضًا/ مَن يستيقظون على سُعال الحياة/ في رئتهم/ ويجفّفونَ وجودهم المُرهق/ بِكَفّ الغياب/ مَن يتعثّرون في المدن المزدحمة/ والأماكن الفارغة

رقعة شطرنج بلون واحد
لم أتقن لغة القوم/ ولا أمنت مكرهم/ في الغربة الحمقاء/ أدمنت اللعب وحيدًا/ رقعة الشطرنج بلون واحد/ الملوك والجنود وترسانة الأسلحة/ تتصارع على رقعة سوداء/ تتصارع لا لشيء/ بل لإرضاء جشعي/ في الغربة الحمقاء/ أعيش على بقايا جشعي