
كما في قصيدةٍ لأنسي الحاج
لا ألمحكِ قربي/ لأطرد القلق من غرفٍ مزَّقت أيامي/ لم أذهب خلف السحب، فارشًا كما في مزحة/ أكياس النفايات للنوم/ عندما أقفُ قبالة يأسي الممزّق/ دون أن أعرف نداءكِ القادم "أعطني.. أعطني ماء القلب"/ بقلبٍ متقّد،/ مثل فكرةٍ في رأسي/ رأس الفيلسوف

الريح الزرقاء
في ضباب أنفاسك الحنون/ اتخذت مكانًا كعصفور/ في يومٍ ممطر/ ذراعاك تضمانني بلا ثقل/ أشعر بهما كالماء/ الذابل يختفي في عيوني/ لا أرى غير عينيك/ وأنفاسك كأزهار جميلة/ وأرنبة يديك الجميلتين تأكل من أعشاب صدري/ وأنت تستندين إليَّ بخفّة ملاك

زوّار المحطات
مؤخرًا اشتريت قفصًا أنيقًا/ نويت الإقامة فيه لكنه لم يتسع لأوهامي/ فاكتفيت بتعليقه في صدر الغرفة/ واقتنعت أن القناعة حجة الخاسرين/ في لحظات الفراغ الكثيرة أملأ جيوبي بالخرائط/ غدًا سأقطع البحر الأبيض/ من هذه النقطة إلى ذلك الخط المتعرج

سماءٌ من الإلكترونِ زرقاءُ
صفحةُ الفيسبوكِ تشابهُ سوقًا كبيرًا/ يضمُّ جميعَ البضائع/ فيها الرديءُ وفيها الثمينُ/ تروحُ إليهِ متى ما تشاءُ/ وتلبسُ فيهِ كما تشتهي/ عبثيًا به قد يكونُ اللقاءُ/ هو الوقتُ يمضي ولا ينتهي/ يسيرُ بهِ الناسُ ناسينَ شكلَ الحياةِ/ لتبدأَ فيهِ حياةٌ جديدة

أحمر شفاه كآخر انتماء
لا أحسن العدّ أبدًا/ مثلًا دمعة واحدة كم تساوي من صفعةٍ/ أجرِّبُ أصابعي كلّها/ لمعرفة الفارق بين الحزن والموتِ/ فأعدُّ../ عينيِ التي تغرق هل تعرف حقًا/ وجه الشبه بين بئر وحريق/ أعُدّ.../ سماء واحدة كم تساوي من إله؟/ واحد/ ثلاث/ بل أكثر

شيبة في رأس الوقت
ولأنّ "كنْ"/ كانتْ تفيضُ على جوانبِ خِلقتي/ أنجبتُ غيري من بقايا الطّينِ../ أعرفُ أنّ غيري من يُتِمُّ الآن هذا الشّعْرَ/ يغرفُ من مرايا النّهرِ/ يغطسُ في العبارةِ/ ثم يأتي آخرٌ ليُتَوْئِمَ النثريَّ والشِّعْرِيَّ/ ينسدُّ الخيالُ لبُرهةٍ ويعودُ

نكبر مثل بالون
كان صديقي يكذب، وهو يدعي خوفه من الأماكن العالية/ إذ علقوا صورته على الجسر/ وهو يبتسم/ */ فكرتُ بخلق ليل/ جمعتُ ظلي كله في غرفة/ */البحار، وكل هذا الماء،/ دمع الله / في وحدته/ */ نخاف كل شيء حاد/ مثل الإنسان

أسماؤنا غزلت بالخوف
لو أنني لم أسمَّ/ لكان لي متسع من الخيال لارتكاب الخطايا/ في عقلي/ في جسدي/ في عينيك/ أسماؤنا قيود رقيقة/ لولا ذلك الاسم الملتصق بوجهي/ وصوتي/ والخطوط المموجة بإبهامي والتي تميزني عن باقي التعساء/ لسلخت من سواد الليل نجمة

الإنسان الأكثر شبهًا بكرسيٍّ مدولب
كان كلما رغب في البكاء/ وقف على حافة/ وطلب من أحد/ أن يدفعه/ ولأن أحدًا/ لم يكن يفهم حديثه/ كانوا يتركونه واقفًا هكذا على الحواف/ والشرفات المفتوحة.. لذلك،/ لم يكن يبكي/ كان رغبة قديمة/ في البكاء/ وفهم لأول مرة حديثهم/ وعرف معنى/ ألا يكون لديه أصدقاء

متى ستقبلُ يا ربيع؟
أنا نقطةٌ قد خزّنتْ كل البحار وحكمةَ الأمطارِ/ فلأسقطْ على عطشِ الحقيقةِ علّني سأريحُ مصباحَ/ الفلاسفة القدامي من لهيبِ الزيت أو أنهي التناقضَ في الحياةْ/ أنا نجمةٌ ضاعتْ بليلِ الأغنياتْ/ أنا نصفُ حرفٍ في مناغاة الرضيعْ/ أنا شامةٌ في وجهِ أمي غسّلتها

مثل ثور معصوب العينين
يخذلك الأمل/ لكثرة ما عوّلتَ عليه/ يصيح متبرّمًا/ إنما أنا محض سنّة/ روّجت لها نفسٌ متعبة، وقضت/ اعلموا بأني سئمت حسن ظنكم/ وبأني لا أجيء./ الأمل هدية الألم/ يكفّرُ بها عن ذنوبه مع بني البشر../ يستمرئُ العالم خذلانك/ وتستمرئُ التنصّل والتشكي

ثناء متأخر
مرة أوحى لي غراب روحي/ أن آخذ بيد كل من أظل باب الحانة/ حيث عشاقكَ الهائمون بك كثر/ هناك الفناء بمحبتكَ/ أنتَ الجدير والرحيم ونحن صلصال يديك/ قلتَ لنا كونوا، فكنا عشاقًا بخمرتكَ./ في هذا الزمن الرخو، كن كفؤًا بمن تحب