جسمٌ في المسلخِ العربي
25 سبتمبر 2016
جسمٌ على كتفِ الحروفِ ممددٌ
تمشي بهِ شرقيةَ الإيقاعِ
خاشعةً من الطقسِ البلاغيّ الحزينِ
يزيدُها صوفيّةً مطرٌ من القرآنِ
أينَ سينتهي هذا المسيرْ؟
عربيةٌ هذي الجنازةُ
كيفَ ندفـِنُها؟
ولمْ تكتبْ وصيّتها على عشبِ الربيعِ
كأنّ ما أشدوهُ زورْ/
ما كنتُ منفيّ الغناءِ -وإنْ نفتني الريحُ-
حتى لا أدوّنَ فوقَ شاهدةَ القبورْ
ما كنتُ وردًا اصطناعيًّا لأحتملَ الجفافَ
ولا يجفّ دمي
وأبقى دونَ عاطفةٍ وماءٍ
أملأ الدنيا عبيرْ
أنا مـَـنْ كبا بهِ خيلـُـه
وهوى بمنتصفِ السباقِ
تخيفني خفقاتُ قلبي من خطىً مجهولةً
نبحتْ كلابُ الليلِ حتى مزّقتْ شالَ الصباحِ
ولا صباحَ أضاءَ جسمي للرعاةِ
وجدتُ ظلّي وحدهُ منْ يطمئنُّ عليّ
يسألُ كيفَ جسمكَ؟
كيفَ صرتَ؟
أجبتهُ
جسمي كما هوَ
مثلما عاينتـَهُ يومَ ارتميتُ على أعالي تلّةٍ
أبكي على الشمسِ الأخيرةِ
وهي تغربُ في ظلالِ الراحلينِ عن الغديرْ
لمْ أشفَ من نزفِ الغناءِ
ولم أطرْ كالريشِ في أفقِ الحريرْ
جسمي كما هوَ
مثلما أبصرتهُ يومَ احترقتُ بصوتِ أنثى
علّمتني كيفَ أكتبُ من مِدادِ البرقِ أغنيةً لسنبلةِ الشعيرْ
جسمي كما هوَ
مثلما أبصرتَهُ يومَ انفجرتُ
كأنني لغمٌ دفينٌ تحتَ كرسيّ الطغاةِ
أحسَّ بالعبء الثقيل على الحياةِ
بلا نهوضٍ أو مسيرْ
جسمي كما هوَ
مثلما صوّرتَهُ يومَ انكسرتُ
كغصنِ حورٍ ظلّ مستندًا على غصنٍ
ولم يسقطْ
ليحفظَ بيضةً في العشّ
خلّتها الحمامةُ إثرَ عاصفةٍ من الليلِ الأخيرْ
جسمي كما هوَ
مثلما أبصرتَهُ يومَ اُعتـُـقلتُ بسجنِ قافيتي
لأنّي سرتُ مخمورًا على نغمي
وقد خالفتُ قانونَ المسيرْ
جسمي كما هوَ
منذُ قرنٍ قدْ تفسّخَ تحتَ أقدامِ الجنودِ العابرين
ومرّ أهلي قربهُ، ورأوه مرميًّا على شوكِ الطريقِ
كطرحةٍ سقطتْ مساءً عن عروسٍ زفّها الفرسانُ
واهترأتْ
وأهلي ليسَ يشغلهمْ سوى أنْ يغمضوا عينَ اليمينِ ليفتحوا عينَ اليسارِ
ويغمضوا عينَ اليسارِ ليفتحوا عينَ اليمينِ
فلم يروني كاملَ الأوجاعِ
أهلي من نوافذِ قلبهم دخلتْ رياحٌ بعثرت صوري ووردَ المزهريةِ
لم يكن أهلي يربّون الهداهدَ كي تنبـّـئهم بما تخفي الجهاتُ البربريةِ/
خفّ وزنُ الحاضرِ المحسوسِ في ذاتي
وأيقظني من الصحوِ المميتِ
نداءُ ذاكرةٍ لينقذني من التهويمِ في أرضِ الدماءِ
لعلّني سأعيدُ تقويمَ الطريق فلا يمرّ على بيوتِ النملِ
أو عشّ الحمامِ وينتهي بمدينةٍ بيضاءَ خاليةَ السطورْ
جسمي وقد سلخوه قربانًا
على عَـمَـدِ المعابدِ
حولهُ الذكرى
تـــدورْ.
اقرأ/ي أيضًا: